تختار المعاناة أم المثابرة؟

كنت دائمة التفكير و التساؤل عندما لا يحصل ما أريد أو تتأخر النتائج التي أسعى لها أنه لماذا على أن أعاني و لم أكن مدركة بعمق للفرق بين المعاناة و المثابرة، فالمثابرة في اللغة العربية هي المداومة و المواظبة أما المعاناة فهي تجربة شخصية يختبرها من لا يشعر بالسعادة فنحن نستطيع أن نعمل و نثابر لكن بدون أن نعاني و لكن كيف ؟ دعني أوضح لك

نحن نستطيع أن نداوم على العمل و نثابر لكن بدون أن نعاني الفرق هو المستوى الشعوري ، فالمستوى الشعوري للمثابر يختلف عن المستوى الشعوري لمن يعاني، فالمثابر يسعى و يديم العمل و ينطلق من شعور الحماس و الشجاعة و عندما لا تسير الامور كما يريد يرتاح و يستأنف، المثابر لديه إيمان عميق بنفسه و بسير الحياة و أنه أولا عن آخرا سيصل لما يريد أو أفضل و إذا لم يحصل ذلك فهو مرتاح لأنه سعى بكل ما لديه.

أما الشخص الذي يعاني فهو عالق في شخص يتألم , يعاني من مشاعر متدنية و ينطلق منها للعمل مثل الخوف و الغضب و الذنب و العارو الكبر و لذلك عند أي تحدي يواجهه سيشعر بالمزيد من المشاعر السلبية و يؤكد على نبؤته الخاصة بأن الحياة معاناة و أن واقعه سيظل كما هو لن يتغيرفهو لا يؤمن بنفسه و لا بسير الحياة و يصعب عليه التوكل و التسليم لذلك يعتقد بأنه هو من عليه عمل كل شيء بخلاف المثابر الذي يعرف حدود صلاحياته في السعي بما لديه و التوكل على الله، لأنه يعرف أن السعي عليه و أن النتائج على الله و لذلك يتأكد أن فعلا أن يسعى لآخر رمق ثم يسلم الأمرلله و يستشعر لذة تعبه في ذلك السعي فهو تعب ممزوج بيقين أن كل الخير هو ما سيحصل له مكافأة له على انهائه كروت السعي جميعها. 

هل يخطر ببالك مثال على مرة ثابرت للوصول لهدف و كنت تعرف ما عليك فعله و فعلته كله ، كنت تتعب لكنك استمريت في العمل ليقينك بالنتيجة ، هذه هي المثابرة . و هل تتذكر مرة أيضا كنت تسعى لهدف لكن من أول السعي و أنت في حالة شكوى و عدم تأكد و شعور بالألم من عدم تواجد الهدف ثم تشكيك و تذبذب في السعي و زيادة شكوى من عدم تحقق ما تريد؟ هذه هي المعاناة.

قد تتساءل أيضا لماذا علي أن أثابر أصلا؟  فأنا في طريق الوعي و المفروض أن التجلي لدي يكون أسهل و لا أحتاج المثابرة و أن تأتيني الأشياء بسهولة أكبر و سأقول لك أن هذا الكلام فيه شيء من الصحة لكن لتكون لديك الصورة واضحة فنحن في بعد يسري فيه قانون السبب و النتيجة و لذلك عليك أن تبذل الأسباب التي ستؤدي للنتائج المرغوبة و أن تستخدم قانون الجهد الأقل عن طريق فعل الأشياء أو سلك الطريق الأقل مقاومة أو الطريق الأكثر سريانا و الذي تشعر فيه بقلبك و تدلك روحك عليه لذا هنا تكون الأسباب و يكون المجهود موافق لشروط السريان و حتى إن بذلت مجهود إضافي فيه فسيكون نتيجته ذلك التعب اللذيذ الممزوج باليقين.

أصدقائي نحن دائما لدينا الخيار في أن نختار مشاعرنا و تجاربنا و الطريقة التي نختبر فيها الحياة و حتى الأحداث غير المرغوبة فنحن نحدد مصيرنا من خلال استجابتنا لها، نحن من نختار معاناتنا و نحن من نختار متى نتوقف عن السعي أو نقرر أن نستمر و ننتصر.